هود -- هو نبي وقد أرسله الله إلى عاد.
قال الله: {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ
لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ *
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ
أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} [[[القرآن الكريم]] -
[ سورة الشعراء : 123-127].
نسب هود
أرسل الله هوداً -- في قبيلة من القبائل العربية البائدة،
المتفرعة من أولاد سام بن نوح --، وهي قبيلة عاد، وسميت بذلك نسبةً إلى أحد
أجدادها، وهو: عاد بن عوص بن إرم بن سام. وهو من هذه القبيلة ويتصل نسبه
بعاد.
ويرجح النسابون أن نسبه كما يلي:
فهو: هود -- بن عبد الله بن رباح بن الخلود بن عاد - جدّ هذه القبيلة - ابن عوص بن إرم بن سام بن نوح --. والله أعلم.
مساكن عاد
كانت مساكن عاد في أرض "الأحقاف"، من جنوب شبه الجزيرة
العربية. والأحقاف تقع في شمال حضرموت، ويقع في شمال الأحقاف الربع الخالي،
وفي شرقها عُمان. وموضع بلادهم اليوم رمال قاحلة، لا أنيس فيها ولا ديار.
قال الله: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ
بِالأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتْ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ
خَلْفِهِ أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ
يَوْمٍ عَظِيمٍ} [ سورة الأحقاف : 21]. وكانوا قوم هود -- من عبد الاصنام
بعد الطوفان وكانت اصنامهم ثلاثه صدا وصمودا وهرا. ولكن هناك راي قوي يقول
انهم كانوا بمصر: لماذا؟
لان البلد الذي كان يقطنه قوم عاد كان به ثلاث صفات لا تجتمع إلا بمصر فقط من دون كل دول العالم قاطبة، وهم:
أ- وجود كثبان رملية { وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ } الأحقاف : 21، والحقف هو الهضبة الرملية
ب- { أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ } الشعراء : 128، والريع هو المرتفع من الأرض
ت- وجود وادي نهري { فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً
مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ
هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } الأحقاف : 24
ث- وجود آثار عملاقة فريدة من نوعها في العالم أجمع {
ِعَادٍ / إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ / الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي
الْبِلَادِ } الفجر : 6-7-8، { أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً
تَعْبَثُونَ } الشعراء : 128، آية تعني شئ معجز يبهر الغير ولم يخلق مثلها
في البلاد، وفي التفاسير أنهم كانوا يشيدون أبنية ضخمة كالجبال يعجز غيرهم
تقليدها ( قارن بين هندسة الأهرام ودقتها وبين الحجارة العملاقة في باقي
العالم مثل حجارة المين هاير في بريطانيا وحجارة بوردو العملاقة ... إلخ. )
فمصر يجتمع بها ثلاثية 1- الهضاب الرملية 2- والوادي 3- والآثار الدالة عليهم المصدر:الموقع الرسمي للباحث محمدسمير عطا
ومن كتاب قصص الأنبياء للدكتور رشدي البدراوي الأستاذ بجامعة القاهرة ورد في صفحة 145 مايلي:
إن وجود منطقة تسمى بالأحقاف بجنوب اليمن لا يعني بالضرورة
أن تكون هي التي سكنها قوم عاد { وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ
قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ } الأحقاف : 21، حيث أن الحقف هو المعوج من الرمل،
ويطلق على كل هضاب العالم الرملية، فيحتمل وجودهم في أي مكان آخر، أما من
حيث التسمية فهنالك في شمال الحجاز وادي إرم، وبئر إرم، وجبل رم، كما توجد
46 مدينة في العالم باسم الإسكندرية مثلا
وفي صفحة 147 يضيف: أما بخصوص الرواية الضعيفة التي وردت
على لسان الإمام علي بوجود قبر النبي هود في حضرموت، فيحتمل أن من سكنوا
هذه المنطقة أرادوا أن يكون لهم الشرف بالنبي هود عليه الصلاة والسلام (
وبالفعل فالقبر المزعزم هناك يُسْتَغَل لتحصيل الأموال من الصوفيين الذين
يتبركون به، وذلك المكان أقرب ما يكون للفرية والزور )
حياة هود مع قومه في فقرات
لقد فصل القرآن الكريم قصة سيدنا هود -- مع قومه عاد في نحو عشر سور، وأبرز ما فيها النقاط التالية:
إثبات نبوته ورسالته إلى عاد.
ذكر أن عاداً كانوا خلفاء في الأرض من بعد قوم نوح.
ذكر أن هؤلاء القوم كانوا:
أقوياء أشداء، ممن زادهم الله بسطة في الخلق.
مترفين في الحياة الدنيا، قد أمدهم الله بأنعام وبنين،
وجنات وعيون، وألهمهم أن يتخذوا مصانع لجمع المياه فيها، وقصوراً فخمة
شامخة، إلى غير ذلك من مظاهر النعمة والترف.
يبنون على الروابي والمرتفعات مباني شامخة، ليس لهم فيها مصلحة تقصد إلاَّ أن تكون آيةً يتباهون بها، تُظهر قوتهم وبأسهم في الأرض.
أهل بطش، فإذا بطشوا بطشوا جبارين.
أصحاب آلهةٍ من الأوثان، يعبدونها من دون الله.
ينكرون الدار الآخرة ويقولون: {إِنْ هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} [المؤمنون:37]
ذكر أن هوداً -- دعاهم إلى الله بمثل دعوة الرسل، وأمرهم
بالتقوى، وأنذرهم عقاب الله وعذابه، فكذبوه واستهزؤوا بدعوته، وأصروا على
العناد، واتبعوا أمر كل جبار عنيد منهم، ولم يؤمن معه إلاَّ قليل منهم،
فاستنصر بالله، فذكر القرآن له: {قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ
نَادِمِينَ} [ سورة المؤمنون : 40]، فأرسل الله عليهم الريح العقيم، ريحاً
صرصراً عاتية، سخرها عليهم سبع ليالٍ وثمانية أيامٍ حسومٍ نحسات، تدمر كلّ
شيء بأمر ربها، فما تذر من شيء أتت عليه إلاَّ جعلته كالرميم. فأهلكتهم،
وأنجى الله برحمته هوداً والذين آمنوا معه، وتم بذلك أمر الله وقضاؤه.
هناك رأي يرى ان قوم عاد هم من بنى الاهرامات في مصر لانهم
كانوا اصحاب قوة غير عادية وكانت اجسامهم عملاقة وهو ما يدل على كيفية وحجم
الاهرامات بمصر واتى بعدهم الفراعنه الذين كانت احجام اجسامم عادية وسكنوا
مساكن الذين ظلموا (عاد)
أدلة وجود قبر هود باليمن
كتب التاريخ الهندية القديمة تقول: إن أقدم قبر على الإطلاق
في العالم معروف بالتواتر هو قبر النبي هود بالأحقاف بحضرموت منذ أكثر من
أربعة آلاف سنة(كما وضحت المقصود هو التواتر وليس العمر الحقيقى وده وضحته
مسبقا).
المؤرخ التيجاني في كتابه "تاج الأعيان في ملوك اليمن في
غابر الأزمان" يقول: [إن ذا القرنين المذكور في القرآن، جاء بجيشه وعتاده
وزار قبر هود بعد أن مر على قرية "العجز" وهي آخر بقعة بحضرموت].
المؤرخ الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني "ت 344 ه" في كتابه
"صفة جزيرة العرب" يقول: [ثم العجز قرية عظيمة... ثم ينحدر منها إلى
"ثوبه" قرية بسفلي حضرموت في واد ذي نخل، ويفيض وادي ثوبه إلى بلد مهره،
وحيث قبر هود النبي صلى الله عليه وسلم، وقبره في الكثيب الأحمر، ثم منه في
كهف مشرف في أسفل وادي الأحقاف، وهو واد يأخذ من بلد حضرموت إلى بلد مهره
مسيرة أيام، وأهل حضرموت يزورونه هم وأهل مهره في كل وقت]. اه.
المؤرخ أبو علي المرزوقي في كتابه "الأزمنة والأمكنة" ذكر
أن من جملة أسواق العرب المتنقلة سوق يقام ليلة النصف من شعبان على سفح
الجبل عند قبر النبي هود بالأحقاف بحضرموت فقال (2/163) ما نصه: [ثم يسيرون
بجميع من فيها من تجار البحر والبر إلى الشحر -شحر مهره-، فيقوم سوقهم تحت
ظل الجبل الذي عليه قبر هود النبي عليه السلام ويبيعونهم بما ينفق بها من
الأدم، والبز، وسائر المرافق، ويشترون بها الكندر والمر، والصبر، والدخن،
ولم يكن بها عشور لأنها ليست بأرض مملكة، وكان جميع من يختلف إليها من
العرب بتجارة، يتخفر بها "ببني بثرب وهي تقلل" من مهره، وكانت سوقهم يقوم
للنصف من شعبان، وبيعهم بها بإلقاء الحجارة].
المؤرخ أبو جعفر محمد بن حبيب البغدادي "ت 245ه" في كتابه
"المحبّر" ص 266 يقول: [ثم سوق "الشحر" شحر مهره، فتقوم السوق تحت ظل الجبل
الذي عليه قبر هود عليه السلام. ولم يكن بها عشور، لأنها ليست بأرض مملكة.
وكانت التجار تتخفر فيها ببني محارب بن هرب، من مهره. وكان قيامها للنصف
من شعبان، وكان بيعهم بها إلقاء الحجارة].
المؤرخ المطهر بن طاهر المقدسي في كتابه "البدء والتاريخ"
"3/36" يقول: [روى ابن اسحق عن علي عليه السلام: أن قبر هود بحضرموت تحت
كثيب أحمر، عند رأسه شجرة تقطر، أما سدر وإما سلَم. وسمعت غير واحد من
السياحين يخبرون بموضع قبره، وكان هلاك عاد وثمود إذ ذاك بأرض حجر وقُرح،
وهي وادي القرى، وبين هود وثمود مائة سنة].
وقال العلامة ياقوت الحموي البغدادي "ت 626ه" في كتابه
"معجم البلدان" 2/270 : [وحضرموت ناحية واسعة في شرقي عدن بقرب البحر،
وحولها رمال كثيرة تعرف بالأحقاف، وبها قبر هود عليه السلام، وبقربها بئر
برهوت المذكورة فيما تقدم، ولها مدينتان يقال لإحداهما "تريم" وللأخرى
"شبام" وعندها قلاع وقرى".
وقال العلامة المؤرخ الشيخ أبو محمد عبد الله بن عبد الله
بن أحمد الطيب بامخرمة، في كتابه "النسبة إلى البلدان": [ حضرموت جهة واسعة
مسيرة يومين فيما أظن، قال القاضي مسعود: ومن قبر هود النبي عليه السلام
إلى القطن.... ثم قال: وبها قبر النبي هود عليه السلام، وبها بئر "برهوت"
التي بها أرواح الكفار، وهي بئر عادية قديمة في فلاة وواد ظله فيه سموم].
وقال العلامة المؤرخ محمد بن أحمد بن عمر الشاطري في كتابه
"أدوار التاريخ الحضرمي" ص "37-38": [وقد مات هود بحضرموت فيما يروي كثير
من المؤرخين، وخاصة من كتب عن حضرموت، وأصبح وجود القبر متواتراً بمحله
المعروف، وكانت تقوم سوق سنوية في الجاهلية، في شعبان في المنطقة التي بها
قبره بشرق حضرموت قرب بئر "برهوت" الشهيرة، وهي كما وصفها بعض المستشرقين،
كهف عظيم عميق مظلم ذو تعاريج وتقاطيع يبلغ طوله 120 قدما وعرضه أربعمائة
وخمسون 450 قدما وعمقه ستمائة 600 قدم. وفيما بعد الإسلام يتردد الحضارمة
إلى الموضع الذي اشتهر بوجود قبر نبي الله هود فيه، وأصبح متواترا وجوده به
كلما عَنَّ لهم ذلك لزيارته. ثم تأسست لهود زيارة عامة في القرن التاسع
الهجري في شهر شعبان كل سنة. وأصبحت موسما من المواسم العامة بحضرموت،
وتحدد موضع القبر هناك، وبنيت مدينة حواليه في سفح الجبل الذي فيه القبر،
ولكنها لا تسكن سوى عدة أيام في السنة ويه أيام الزيارة، أما بقية العام
فتبقى بيوتها الكثيرة خاوية خالية، فهي تشبه مدينة منى بالحجاز من هذه
الناحية. ومما تمتاز به الزيارة، عدم الاختلاط الناشئ بين الجنسين، مما يقع
في كثير من الزيارات العامة بحضرموت، وغيرها من البلاد الإسلامية، بل
تتألف زيارة هود من جموع الرجال الغفيرة المعتنقة مذهب الإمام الشافعي].
الدلائل والأدلة التي تشير إلى أن قبر هود عليه السلام هو القبر الموجود الآنج: أولا: النقول التاريخية المذكورة سابقاونزيد على ما تقدم أن ممن صرّح ورجّح أن قبر سيدنا هود عليه
السلام في حضرموت، في المكان المعروف، من المعاصرين: الشيخ عبد الوهاب
النجار في كتابه "قصص الأنبياء" ص 53 وفيه قوله: [ويقول أهل حضرموت: أن هود
عليه الصلاة والسلام، سكن بلاد حضرموت، بعد هلاك عاد إلى أن مات ودفن في
شرقي بلادهم على نحو مرحلتين من مدينة "تريم" قرب وادي "برهوت". وقد أثر عن
علي كرم الله وجهه، أنه مدفون في كثيب أحمر وعند رأسه سمرة في حضرموت...
وقول أهل حضرموت أقرب إلى المعقول لأنها متاخمة لبلاد عاد وهي الأحقاف].وثانيا: كتب التفاسير، وبعض كتب الحديث والتراجم: فقد أشارت
إلى أنه بوادي حضرموت قرب برهوت والمهرة، ووصفته بصفته المعروفة الآن،
وإليك بعض تلك النقول:1) روى الإمام ابن جرير الطبري "ت 310ه" في تفسيره "جامع
البيان عن تأويل آي القرآن" 8/217 في تفسير قوله تعالى: ( وَإِلَى عَادٍ
أَخَاهُمْ هُودًا )[الأعراف: 65] قال: [حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة،
قال: حدثنا ابن إسحاق، عن محمد بن عبد الله بن أبي سعيد الخزاعي، عن أبي
الطفيل عامر بن واثلة، قال: سمعت علي بن أبي طالب عليه السلام، يقول لرجل
من حضرموت: "هل رأيت كثيبا أحمر يخالطه مدرة حمراء، ذا أراك وسدر كثير
بناحية كذا وكذا من أرض حضرموت، هل رأيته؟" قال: نعم يا أمير المؤمنين،
والله إنك لتنعته نعت رجل رآه، قال: "لا ولكني قد حُدِّثتُ عنه"، فقال
الحضرمي: وما شأنه يا أمير المؤمنين؟ "قال: فيه قبر هود صلوات الله عليه"].وذكر في هذا الموضع أيضا روايات عن السدي وابن إسحاق حاصلها أن الأحقاف في حضرموت، وهي منازل عاد حين بعث فيهم هود.2) وفي تفسير أبن كثير "7/268" في تفسير سورة الأحقاف قال:
[يقول تعالى: ( وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ
بِالْأَحْقَافِ )[الأحقاف: 21]- وهو هود عليه السلام- بعثه الله إلى عاد
الأولى، وكانوا يسكنون الأحقاف -جمع حقف وهو الجبل من الرمل- قاله ابن زيد.
وقال عكرمة: الأحقاف: الجبل والغار. وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
الأحقاف واد بحضرموت يدعى برهوت تلقى فيه أرواح الكفار. وقال قتادة: ذكر
لنا أن عادا كانوا حيا باليمن، أهل رمل، مشرفين على البحر، بأرض يقال لها:
الشحر].3) قال البغوي في تفسيره "معالم التنزيل" "7/262" سورة
الأحقاف عند آية ( وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ
بِالْأَحْقَافِ )[الأحقاف: 21]: [قوله عز وجل ( وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ )
يعنى هودا عليه السلام ( أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ ) قال ابن عباس:
الأحقاف واد بين عمان والمهرة، وقال مقاتل: كانت منازل عاد باليمن في
حضرموت بموضع يقال له مهره] وذكر -أي البغوي- تفسير سورة الأعراف" 3/246"
رواية الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال [وروي عن علي رضي الله
عنه: أن قبر هود عليه السلام بحضرموت في كثيب أحمر].4) وقال الرازي في تفسيره المسمى "التفسير الكبير" "14/28"
عند نفس الآية: [قال أبو عبيد: الحقف: الرمل المعوج، ومنه قيل للمعوج
محقوف، وقال الفراء: "الأحقاف" واحدها حقف، وهو الكثيب المكسر غير العظيم
وفيه اعوجاج، قال ابن عباس: الأحقاف واد بين عمان والمهرة5) وقال الإمام الخازن في تفسيره "لباب التأويل" "2/104 -
105": [فلما أهلك الله عادا، ارتحل هود ومن معه من المؤمنين من أرضهم بعد
هلاك قومه إلى موضع يقال له "الشحر" من أرض اليمن، فنزل هناك، ثم أدركه
الموت، فدفن بأرض حضرموت، ويروى عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: أن قبر
هود عليه الصلاة السلام بحضرموت في كثيب أحمر].6) وقال الشوكاني في تفسيره "فتح القدير" "2/219": [واخرج
البخاري في تاريخه وابن جرير وابن عساكر عن علي بن أبي طالب قال:"قبر هود
بحضرموت في كثيب أحمر عند رأسه سدرة"].7) وذكر الشيخ أبو اسحق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي،
في كتابه "عرائس المجالس في قصص الأنبياء" "ص 65" رواية ابن جرير عن علي بن
أبي طالب رضي الله عنه، التي تقدمت في وصف مكان قبر هود. ثم قال "ص 65"
بعد كلام: [ الرواية القائلة بدفنه في حضرموت هي الأقرب للصواب] وإنما
ذكرنا كلامه هنا من باب الاستئناس. وذكر نحو هذا أيضا العلامة ابن منظور في "مختصر تاريخ
دمشق" "27/157" فقال: [عن علي "رضي الله عنه" أنه قال لرجل من حضرموت:
"أرأيت كثيبا أحمر تخالطه المدرة الحمراء بذي أراك وسدر كثير، بناحية كذا
وكذا من أرض حضرموت، هل رأيته؟" قال: نعم والله إنك لنعت نعت رجل رآه، قال
"لا ولكني حُدِّثت عنه، وفيه قبر هود صلوات الله عليه وسلم، عند رأسه شجرة،
إما سَلم، وإما سدرة"].9) وذكر الإمام العالم المؤرخ أحمد بن حسن الحداد في كتابه
"الفوائد السنية" نفس الواقعة وقال [رواه ابن جرير، وفي تفسير ابن كثير
"3/429" ما يشير إلى ذلك].10) وروى الإمام الحافظ ابن عساكر في "تاريخ دمشق: في ترجمة
"عبد الرحيم بن محرز" "36/138-139" بسنده عن الأصبغ بن نباتة قال: [إنا
لجلوس ذات يوم عند علي بن أبي طالب "رضي الله عنه" في أبي بكر "رضي الله
عنه" إذ اقبل رجل من حضرموت لم أر رجلا قط أنكر منه، ولا أطول، فاستشرفه
الناس، وراعهم منظره، وأقبل مسرعا جوادا حتى وقف وسلّم، وجثا فكلم أدنى
القوم منه مجلسا، فقال من عميدكم؟ فأشاروا إلى علي بن أبي طالب، فقالوا:
هذا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعالم الناس، والمأخوذ عنه،
فقام، فقال: وذكر أبياتا منها:اسمع كلامي هداك الله من هادي***وافرج بعلمك عني غلة الصادي
سمعت بالدين دين الحق جاء به***محمد وهو قرم الحضر والبادي فجئت منتقلا من
دين باغية***ومن عبادة أوثان وأنداد فادلل على القصد واجل الريب عن
خلدي***بشرعة ذات إيضاح وإرشادقال: فأعجب عليا والجلساء شعره، وقال له علي: "لله درك من
رجل، ما أرصن شعرك، ممن أنت؟" قال: من حضرموت، فسر به علي، وشرح له
الإسلام، فأسلم على يديه، ثم أتى به علي أبا بكر فأسمعه الشعر، فأعجبه، ثم
إن عليا سأله ذات يوم ونحن مجتمعون للحديث، فقال: "أعالم أنت بحضرموت؟"
قال: إذا جهلتها لم أعرف غيرها. قال له علي: "أتعرف الأحقاف؟" قال له
الرجل: كأنك تسأل عن قبر هود؟ قال علي: "لله درك ما أخطأت" قال: نعم، خرجت
وأنا في عنفوان شبيبتي في أغيلمة من الحي، ونحن نريد أن نأتي قبره، لبعد
صيته كان فينا، وكثرة من يذكر منّا، فسرنا في بلاد الأحقاف أياما، ومعنا
رجل قد عرف الموضع، فانتهينا إلى كثيب أحمر، فيه كهوف كثيرة، فمضى بنا
الرجل إلى كهف منها فأدخلناه فأمعنا فيه طويلا فانتهينا إلى حجرين، قد أطبق
أحدهما دون الآخر، وفيه خلل يدخل مه الرجل النحيف متجانفا فدخلته، فرأيت
رجلا على سرير شديد الأدمة طويل الوجه، كث اللحية، قد يبس على سريره، فإذا
مسست شيئا من جسده صليبا لم يتغير، ورأيت عند رأسه كتابا بالعربية: أنا هود
النبي الذي أسفت على عاد بكفرها، وما كان لأمر الله من مرد. فقال لنا علي
"كذلك سمعته من أبي القاسم صلى الله عليه وآله وسلم".11) وروى الإمام ابن سعد "ت 230" في "الطبقات الكبرى"
والحافظ ابن عساكر في "تاريخ دمشق" عن اسحق بن عبد الله بن أبي فروة أنه
قال [ما يعلم موضع قبر نبي من الأنبياء إلا ثلاثة: قبر إسماعيل، فإنه تحت
الميزاب بين الركن والبيت، وقبر هود، فإنه في حقف من الرمل تحت جبل من جبال
اليمن، عليه شجرة تندى، وموضعه أشد الأرض حرا، وقبر رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم، فإن هذه قبورهم بحق].ثالثا: التواتر المعنوي: وهو ما رواه جميع يحيل العقل
تواطئهم على الكذب -عادة- وكان مستندهم إلى أمر حسي، فيروون وقائع مختلفة
بألفاظ متغايرة تشترك كلها في معنى معين، فيكون المعنى متواترا دون اللفظ،
وتعتبر الكثرة في جميع الطبقات، ويفيد ذلك القطع لا الظن. مثل رفع اليدين
في الدعاء، فقد ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم فيه نحو مائة حديث، لكن
هذه الأحاديث في وقائع مختلفة، فكل قضية لم تتواتر، لكن القدر المشترك
بينها هو الرفع عند الدعاء تواتر باعتبار مجموع الطرق. وكالإخبار عن كرم
حاتم الطائي، فإن بعض الأخبار تفيد أنه أعطى دنانير، وبعضها أنه أعطى فرسا،
وبعضها أنه أعطى بعيرا، وهكذا... فقد اتفقوا على معنى كلي مشترك وهو
الإعطاء والكرم. وقبر النبي هود عليه السلام -كما رأيت- من النقول
التاريخية التي اكتفينا بذكرها -قبر معروف يزار عبر الأحقاب من السنين
والأعصار من الأوقات، أمة بعد أمة، وجيل بعد جيل، إلى وقتنا المعاصر. ويثبت
بالتواتر المعنوي أمور كثيرةومن هذا يتضح أن الرسول علم بالقبر وكان منتشر فى زمانه ولو
ينفى وجوده بل اقره بحديث على الذى لم يضعف وورد بأكثر من طريق يقويه وحتى
اذا لم يكن تكلم فمجرد سكوت الرسول يعتبر سنه لأنه صلى الله عليه وسلم لا
يسكت على باطل